في إنجاز رائع، أدت التجارب المبكرة لعقار لعلاج سرطان المستقيم إلى علاج جميع المشاركين في التجربة، حيث قام فريق من الباحثين في الولايات المتحدة بإجراء تجربة على أثنى عشر مريضا بسرطان المستقيم بمتوسط عمر 54 عامًا يعانون من المرحلة الثانية والثالثة من سرطان المستقيم وبنسبة 62 ٪ من النساء.
وخلال المرحلة الثانية من التجربة السريرية خضع المرضى للعلاج بعقار العلاج المناعي دوستارليماب (dostarlimab) كل ثلاثة أسابيع لمدة ستة أشهر، يليها العلاج الكيميائي القياسي والإشعاعي والجراحة وكان متوسط المتابعة حوالي كل ستة إلى ثمانية أشهر على مدار عامين.
فوجد الفريق الطبي أن جميع المرضى الذين خضعوا للمراقبة على مدار ستة أشهر أظهروا استجابة إيجابية بنسبة 100٪ لعقار دوستارليماب، ولم يجد الباحثون أي دليل على وجود ورم في الخزعة، أو أثناء الفحص الرقمي للمستقيم، أو التصور بالمنظار، أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
ووفقا للقائمين على التجربة فإن الاستجابات العلاجية لعقار دوستارليماب كانت سريعة، مع ظهور علامات التحسن في غضون 8 أسابيع بعد بدء استخدام الدواء في 81 ٪ من المصابين.
وفي هذه الدراسة – المدعومة من شركة جلاكسو سميث كلاين لصناعة الأدوية – والمنشورة يوم الأحد (5 يونيو) في مجلة New England Journal of Medicine تحت عنوان “تحسين طرق العلاج لسرطان المستقيم” أظهر عقار دوستارليماب فعالية 100٪ ضد مجموعة فرعية من سرطان المستقيم.
وقد تم عرض نتائج الدراسة في التجمع السنوي للجمعية الأمريكية لعلم الأورام العلمي 2022 وتم الكشف عنها في نفس الوقت في تاريخ 5 يونيو في مجلة نيو إنجلاند للأدوية.
ويعد عقار دوستارليماب من العلاجات التى تعتمد على تقليل الخلايا التائية النشطة التي تسبب تحفيز جهاز المناعة حيث يرتبط الجسم المضاد وحيد النسيلة في العقار ببروتين يسمى PD-1 على سطح الخلايا السرطانية، ليساعد ذلك الجهاز المناعي على تدمير الخلايا السرطانية بشكل فعال.
وقد تم اعتماد دوستارليمب بالفعل من قبل إدارة الغذاء والأدوية الأمريكية لاستخدامه في علاج الحالات المتكررة أو المتقدمة من سرطان بطانة الرحم لدى النساء.
ووفقا لتصريحات مؤلفة الدراسة الدكتورة أندريا سيرسيك أخصائية الأورام الطبية ورئيسة قسم سرطان القولون والمستقيم في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان، أن معظم مرضى سرطان المستقيم المتقدم يتم علاجهم عادةً بالعلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحة.
إلا أن بعض المرضى لا يستجيبون للعلاج الكيميائي، بينما قد يتسبب العلاج الإشعاعي أو الجراحة في إحداث خلل في الأمعاء والمثانة فضلا عن الضعف الجنسي وفقدان القدرة على الإنتصاب لدى الرجال على المدى القصير والطويل.
وأضافت أن هذا النوع الفرعي من سرطان المستقيم قد أظهر استجابة لهذا العقار، لذلك ربما يكون فعالًا كبديل للعلاج الكيميائي وربما يلغي الحاجة إلى الإشعاع والجراحة.
والجدير بالذكر عدم معاناة أي من المشاركين في التجربة السريرية من تطور المرض أو تكراره، ولم يطلب أي منهم الخضوع لمزيد من العلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحة، كما لم يسجل الباحثون أي آثار جانبية خطيرة من الدرجة الثالثة أو أعلى.
من جانبها صرحت البروفيسورة هانا سانوف، الحاصلة على الدكتوراه في الطب من مركز السرطان الشامل بجامعة كارولينا الشمالية ، لصحيفة Science Daily أن النتائج الأولية للمرحلة الثانية من التجارب السريرية رائعة وستفيد الدراسات المستقبلية في استخدام دوستارليماب ضد النوع الفرعي لسرطان المستقيم.
إلا أنها حذرت من التسرع في إتخاذ القرار حيث أوضحت أنه يجب النظر إلى النتائج بحذر حيث تمت ملاحظة المشاركين لمدة تتراوح بين ستة أشهر و 25 شهرا فقط لذلك هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لتأكيد النتائج.
وأشارت إلى أن هناك أدوية أخرى للعلاج المناعي يمكن اختبارها ضد هذا النوع من سرطان المستقيم والتي ستوفر أيضًا فائدة تجنب المرضى الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي.
وأضافت سانوف “أن هذه الطريقة تظل تجريبية ويجب ألا تحل محل العلاج الشافي الحالي، وأن معظم حالات تكرار الإصابة بالسرطان شوهدت في أبحاث سابقة تستخدم العلاج الكيميائي والعلاج المناعي.”
من جانبه صرح الدكتور لويس دياز عضو المجلس الاستشاري الأميركي الوطني للسرطان، والمؤلف الرئيسي للدراسة لصحيفة نيويورك تايمز: “أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا في تاريخ السرطان”.