أوضح الدكتور محمد العوراني أخصائي علم الفيروسات والأوبئة أن القلق الحالي الناتج عن انتشار فيروس جدري القرود على مستوى العالم لا داعي له، حيث لم تصل نسبة الوفيات جراء هذا المرض إلى العدد الذي يستدعي اتخاذ إجراءات الإغلاق وتدابير على غرار ما حدث في بداية جائحة كورونا.
من جانبها أعلنت منظمة الصحة العالمية عن اجتماع خبراء جدري القرود في 18 من شهر يوليو الجاري لتحديد ما إذا كان انتشار جدري القرود يمثل حالة طوارئ صحية عالمية، ويأتي هذا الاجتماع بعد تضاعف أعداد الإصابات في الآونة الأخيرة.
وقد أعرب المدير العام للمنظمة عن قلقه من حجم انتشار الفيروس، مضيفا أن إجراء الفحوص يمثل تحديا وثمة احتمالا كبيرا بأن يكون كثير من الإصابات لم يتم اكتشافها بعد، وقد أعلنت المنظمة في اجتماعها السابق في 23 من يونيو الماضي بأن وضع المرض لم يصل الى حالة الطوارئ الصحية العالمية.
وأضاف ضيف برنامج (مع الحكيم) أنه لا يمكن إطلاق لفظ وباء على فيروس جدري القرود حيث أنه وفقا للبيانات الحالية وتقييم مقياس الخطر والأضرار فإن نسبة الوفيات مازالت ضئيلة جدا على مستوى العالم، ولكن يمكن تسمية هذه الظاهرة “بالانتشار” أو “outbreak” وليس وباء او جائحة.
كما حذرت المنظمة العالمية من عدم وجود معلومات كافية عن فيروس جدري القرود بما ساهم في زيادة انتشاره عبر العالم، وقال الدكتور مايك رايان مدير برنامج الطوارئ الصحية بالمنظمة إن العالم بحاجة إلى فحوصات دقيقة للتسلسل الجيني للفيروس الذي نشأ في القارة الإفريقية:
“أعتقد أنه يمكننا القول، إن عملية مراقبة جدري القرود كانت سيئة للغاية، لذا فأنا أظن أن هناك العديد والعديد من العينات التي تم أخذها خلال السنوات القليلة الماضية، وقد تمت مشاركتها مع المختبرات، ونحن بحاجة للتأكد من العينات حتى يمكننا وضع الصورة الكاملة شهرًا بعد شهر، وسنة بعد سنة، ثم إلقاء نظرة على تطورات الفيروس.
لكن ما نراه بالفعل في الوقت الحالي يشبه إلى حد ما الرجل الثمل الذي يبحث عن مفاتيحه تحت عمود الإنارة، نحن نبحث في مكان الضوء، لكننا لا ننظر في الظلام وهذه هي المشكلة، ولهذا السبب نريد أن نفحص التسلسل الجيني في إفريقيا” على حد قوله.
وفي السياق انضمت نيوزيلندا إلى قائمة الدول التي ظهر فيها جدري القرود، وكشفت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل أكثر من ستة آلاف إصابة وثلاث وفيات في 58 دولة حول العالم .
ودعت المنظمة الدول الأوروبية إلى تحرك عاجل للحد من انتشار الفيروس بسبب ازدياد عدد المصابين الى ثلاثة أضعاف منذ أسبوعين.
مخاوف من حالات غير مكتشفة
وتعتبر أوروبا هي المركز الحالي لتفشي المرض، حيث تسجل أكثر من 80٪ من الحالات على مستوى العالم، وأوضحت المنظمة أنها سجلت للمرة الأولى انتقالا محليا لجدري القرود في البلدان المتضررة حديثًا في إفريقيا والعالم دون وجود روابط وبائية.
وقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن البيانات كشفت أن 99% من حالات الإصابة بجدري القرود كانت بين الرجال المثليين، إذ قالت المنظمة أن الفيروس يصيب الرجال الذين يقيمون علاقات جنسية مع رجال فيما أشارت إلى عدم وجود انتشار خارج هذه الفئة.
وقد أعرب الدكتور العوراني عن قلقله من الحالات الغير مكتشفه حيث أن المثليين عادة يتحرون السرية والتحفظ على هوياتهم، ومع سهولة السفر بين الدول أصبح نمط الانتشار غير متوقع.
ومع استمرار الانتشار وزيادة الأعداد فإنه لم تتخذ أي من الدول الأوروبية أي قرار للحد من نشاط هذه الفئة لمواجهة تفشي الفيروس.
إلا أن الدكتور العوراني قد أكد أن الأمر لا يتعلق بالعنصرية ضد المثليين أو ثنائي الجنس لأن الأمر – طبيا وعلميا – لا يستدعي اتخاذ خطوات حاسمة على غرار الإغلاق أو الحظر، حيث أن هناك العديد من الأمراض المنقولة جنسيا والتى تعد أخطر من جدري القرود وتسبب نسب وفيات أعلى بكثير من هذا الفيروس.
من جانبها أوصت هيئة الصحة الفرنسية بمنح لقاح جدري القرود للأفراد الذين تتزايد احتمالات إصابتهم بالفيروس، وقالت إن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس هي الرجال المثليون والمتحولون جنسيا الذين لديهم شركاء جنسيون متعددون والعاملون في البغاء والعاملون في الأماكن التي تشهد نشاطا جنسيا.