مع أحمد

تفشي كبير للكوليرا في سوريا.. فما هي الأسباب؟

صرح حميد السبعلي الخبير في رصد وتشخيص الأوبئة في مؤسسة “برايزن” في بروكسل لبرنامج مع الحكيم أن الإعلان الرسمي عن تفشي وباء الكوليرا في منطقة حلب السورية، يمثل تهديدًا خطيرًا للناس في سوريا، ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها، ومن اللازم اتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لمنع المزيد من تفشي المرض والوفيات.

من جانبها أعلنت وزارة الصحة زيادة أعداد المصابين إلى أكثر من مئتي إصابة معظمها في حلب والحسكة ودير الزور وأعداد أقل في اللاذقية ودمشق وحمص.

وأشارت وزارة الصحة السورية إلى ارتفاع إجمالي الوفيات إلى خمس عشرة حالة معظمها في حلب، موضحة أن العلاج متوفر بمخزون إضافي.
وبناءً على التقييم الذي أجرته السلطات الصحية، يُعتقد أن مصدر العدوى مرتبط بشرب الأشخاص للمياه غير الآمنة من نهر الفرات واستخدام المياه الملوثة لري المحاصيل، مما يؤدي إلى تلوث الغذاء.

وتظهر الكوليرا عادة في مناطق سكنية تعاني شحاً في مياه الشرب أو تنعدم فيها شبكات الصرف الصحي، وغالباً ما يكون سببه تناول أطعمة أو مياه ملوثة، ويؤدي إلى الإصابة بإسهال وقيء وأحيانا الوفاة.

من جانبها حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن خطر انتشار الكوليرا في سوريا مرتفع للغاية، وأعلن دكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط تقديم إمدادات طبية للتعامل مع تفشي وباء الكوليرا القاتل في سوريا.

وأضاف السبعلي إن تفشي المرض كان مؤشرا على نقص حاد في المياه في جميع أنحاء سوريا، وهي قضية كانت الأمم المتحدة “تدق لها أجراس الإنذار” منذ بعض الوقت.

حيث أوضح أنه بينما كانت مستويات نهر الفرات تنخفض بسبب ظروف شبيهة بالجفاف والبنية التحتية الوطنية للمياه التي تضررت بسبب 11 عامًا من الحرب، فإن الكثير من السكان المعرضين للخطر بالفعل في سوريا يعتمدون على مصادر المياه غير الآمنة، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض الخطيرة التي تنقلها المياه، ولا سيما بين الأطفال.

وأشار ضيف برنامج مع الحكيم أن نقص المياه يجبر الأسر على اللجوء إلى آليات التكيف السلبية، مثل التقليل من ممارسات النظافة لعدم قدرة الأسر على تحمل تكاليف المياه، كما أفاد 83 في المائة من المشاركين في استبيان تابع لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنهم لا يستطيعون شراء الصابون.

كما أشار إلى ضرورة تكثيف الفحوصات خاصة في المناطق التي تم الإبلاغ عن تفشي المرض فيها وغيرها من المناطق شديدة الخطورة، بما في ذلك المخيمات الداخلية، فالشعب السوري “متروك لأمره” و تفشي الكوليرا هو نتيجة طبيعية لانشغال الحكومات ومعارضيها بالحرب، على حد قوله.

وشدد الخبير على أهمية البدء في تعبئة الإمدادات الصحية وتنظيف مياه الشرب وفصل شبكات الصرف الصحي عن المياه النظيفة، فضلا عن القيام بحملات نظافة مشددة في المحافظات المتضررة، وتوسيع أنشطة المعالجة بالكلور لتطهير المياه وزيادة معدلات الرعاية الطبية في المجتمعات الهشة والمعرضة للخطر للحد من انتشار المرض.

وفسر السبعلي الخبير في رصد وتشخيص الأوبئة أن التفشي الحالي ناجم عن شرب المواطنين للمياه الملوثة والأغذية المروية من نهر الفرات، الذي يشهد مستويات تاريخية منخفضة من التدفق يرجع أساسها إلى أسوأ موجة جفاف تشهدها سوريا منذ عقود، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه بسبب الحرب.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من خمسة ملايين شخص في سوريا يعتمدون على نهر الفرات للحصول على مياه الشرب، فضلا عن أن 46 بالمائة من المرافق الصحية إما تعمل جزئيًا أو لا تعمل على الإطلاق.