مع أحمد
حقن التنحيف.. تطور ثوري في مواجهة السمنة فهل يخفي وجها آخر؟ (فيديو)
حقن التنحيف.. تطور ثوري في مواجهة السمنة فهل يخفي وجها آخر؟ (فيديو)

حقن التنحيف.. تطور ثوري في مواجهة السمنة فهل يخفي وجها آخر؟ (فيديو)

بدأت رحلة حقن التنحيف في أواخر التسعينيات مع اكتشاف أدوية تعتمد على هرمون “GLP-1″، استُخدمت أولًا لعلاج السكري من النوع الثاني.

بحلول أوائل القرن الحادي والعشرين، لاحظ الباحثون أن أدوية مثل سيماغلوتيد تُحدث فقدانا كبيرا للوزن، مما دفع إلى توجيهها لعلاج السمنة بوصفها مرضا مزمنا.

وأكدت الدكتورة لوتي بييري كنودسن، المستشارة العلمية الرئيسية في شركة نوفو نورديسك، في لقاء مع برنامج “مع الحكيم” على الجزيرة مباشر، أن هذه الأدوية مدعومة ببيانات من مئات الآلاف من المرضى، مع دراسات استمرت حتى خمس سنوات، على مدار عقدين، مما يعزز مصداقية فعاليتها وسلامتها.

إعادة تعريف السمنة: من وصمة إرادة إلى مرض طبي

ساهمت حقن التنحيف في تغيير النظرة المجتمعية للسمنة من مشكلة إرادة إلى مرض طبي معقد يرتبط بالهرمونات والجينات، مما قلل من وصمة العار المرتبطة بها. وأشارت الدكتورة لوتي إلى أن هذه الأدوية، على غرار أدوية خفض ضغط الدم والكوليسترول، أثبتت أن السمنة مرض يتطلب تدخلا طبيا.

وأوضح ينس أوليسن، نائب رئيس العمليات في نوفو نورديسك، أن هذه الأدوية تتحكم في “ضوضاء الطعام” (الرغبة الشديدة في تناول الطعام بسبب الإشارات الهرمونية)، حيث أظهرت دراسة أن 60% من مرضى السمنة يعانون من هذه الضوضاء، لكن بعد العلاج، انخفضت النسبة إلى 10%، مع تحسن العادات الغذائية بنسبة 80%، مما يعزز دور العلاج في تحسين نمط الحياة.

فوائد صحية مثبتة وأدلة علمية

تتجاوز فوائد حقن التنحيف فقدان الوزن لتشمل تقليل أخطار أمراض القلب، والسكتات الدماغية، وأمراض الكلى والكبد، وربما السرطان.

وأكدت الدكتورة لوتي أن هذه الفوائد نتجت عن أبحاث مدعومة بدراسات علمية بدأت عام 2007، حيث أظهرت تأثيرات إيجابية في الجهاز القلبي الوعائي من خلال تقليل الالتهابات، وضغط الدم، والدهون. دراسات طويلة الأمد، مثل تلك التي أُجريت على سيماغلوتيد في 2016 و2021، أثبتت انخفاضا كبيرا في الوفيات من جميع الأسباب، خاصة في مرضى السمنة.

الآثار الجانبية: تحديات ومخاوف مستمرة

رغم الفوائد، تسبب هذه الأدوية آثارا جانبية مثل الغثيان، والإمساك، والقيء، والإسهال، وصفتها الدكتورة لوتي بأنها خفيفة إلى معتدلة وعابرة في معظم الحالات. لكن هناك مخاوف أعمق تشمل اضطرابات الجهاز الهضمي الشديدة، والتأثير في فاعلية أدوية أخرى، خاصة لدى مرضى الكلى أو الكبد، وأخطارا محتملة مثل التهاب البنكرياس أو مشكلات الغدة الدرقية في حالات نادرة.

وأكد الدكتور دانيال مولر، نائب رئيس الشؤون الطبية والعلمية في مجال أمراض القلب والأوعية الدموية في نوفو نورديسك، خلال حلقة برنامج “مع الحكيم”، أن الشركات تجري دراسات مكثفة لتقييم الأخطار مقابل الفوائد، مع التركيز على تطوير إصدارات جديدة بآثار جانبية أقل، مثل الحقن الشهرية أو الأقراص.

تجارب المرضى: بين الحماس والتشكك

تثير حقن التنحيف آراء متباينة. يشيد المتحمسون بالنتائج الملحوظة في فقدان الوزن وتحسين الصحة العامة، مثل انخفاض ضغط الدم ومستويات السكر، وتقليل الرغبة الشديدة في الطعام، مما ساعدهم على تبني عادات صحية دائمة.

في المقابل، يعبر المنتقدون عن تخوفهم من الآثار الطويلة المدى، خاصة مع محدودية الدراسات التي تمتد لأكثر من عقد. يشير البعض إلى الاعتماد على الأدوية للحفاظ على الوزن، مما قد يؤدي إلى استعادة الوزن بعد التوقف عن العلاج، وهو ما يثير قلقا بشأن استدامة العلاج. كما يعبر آخرون عن مخاوف من التكلفة المالية المستمرة والآثار الجانبية المزعجة، مثل اضطرابات المعدة المستمرة، التي قد تؤثر في جودة الحياة. هذه الانتقادات تدفع البعض إلى المطالبة بمزيد من الأبحاث الطويلة الأمد لفهم الأخطار الكامنة بشكل أفضل.

الذكاء الاصطناعي: مستقبل تطوير الأدوية

يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في اكتشاف الأدوية. وأكدت الدكتورة لوتي أنه يساعد في فهم البيولوجيا، وتصميم الجزيئات، وتطوير نماذج ذكاء اصطناعي “وكيلة” تجمع البيانات وتستنتج الحلول، مما يُتيح تطوير علاجات أكثر فعالية وأقل آثارا جانبية، ويعزز آمال المرضى في حلول مستدامة.

الوصول والتكلفة: تحديات الإتاحة

تظل التكلفة عائقا، خاصة في الدول النامية. وأشار ينس أوليسن إلى أن الأسعار مرتفعة خلال فترة براءة الاختراع بسبب تكاليف التطوير، لكنها ستنخفض لاحقا.

وأضاف أن الشركات تتبنى تسعيرا مختلفا حسب الدول، وتتواصل مع الحكومات وشركات التأمين، مستشهدا بتقرير صادر عن معهد تقييم التكلفة والفعالية السريرية (ICER)، وهو منظمة مستقلة تقيّم القيمة الاقتصادية للعلاجات، يظهر أن هذه الأدوية توفر تكاليف أكثر مما تكلف في الدول المتقدمة.

علاج السمنة لدى الأطفال

تُعد السمنة لدى الأطفال تحديا متزايدا. وأكد الدكتور دانيال مولر أن دراسات جارية تستهدف الأطفال من سن 6 سنوات فأعلى، مع بيانات منشورة للمراهقين من سن 12 عاما، ومن المتوقع موافقة السلطات الصحية قريبا لتوسيع نطاق العلاج.

الحاجة إلى تشريعات داعمة

أكد ينس أوليسن أن السمنة تُشكل ثلث أعباء الأمراض العالمية، حسب دراسة نشرتها مجلة “New England Journal of Medicine” في 2017. وشدد الدكتور دانيال مولر على ضرورة دعم التقدم العلمي بتشريعات للحد من الوجبات السريعة والمصنعة، مع التركيز على توفير العلاجات والوقاية.

خاتمة: بين التقدم والحذر

تمثل حقن التنحيف إنجازا طبيا في مواجهة السمنة، مع فوائد كبيرة في تحسين الصحة وتقليل الوفيات. لكن الآثار الجانبية، والاعتماد المحتمل على الأدوية، وارتفاع التكلفة تثير تساؤلات حول استدامة العلاج وأخطاره الطويلة المدى.

مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتوسيع العلاجات للأطفال، يتطلب المستقبل تعاونا عالميا لضمان الوصول العادل، وتعزيز الوقاية، ومعالجة مخاوف المنتقدين عبر أبحاث أكثر شمولا.

المصدر: الجزيرة مباشر

إضافة تعليق